|
لم
يكن حظ الشعراء والادباء بأقل من حظ
المحققين والمؤرخين في نقل هذه الفضيلة
الشريفة والمزية الرفيعة، التي اختص
بها امامنا أمير المؤمنين علي بن ابي
طالب عليه السلام؛ فقد هامَ الكثير من
الشعراء والأدباء العرب قديماً وحديثاً
بهذا النور الإلهي الساطع، فغرقوا في
بحر فضائل علي عليه السلام وراحوا
يتغنون بحبه ويلهجونه بذكره؛ فمن طبقة
الشعراء الأقدمين نذكر على سبيل المثال
لا الحصر سيد الشعراء السيد الحميري (المتوفي
سنة 173 للهجرة النبوية) الذي عشق أمير
المؤمنين علي عليه السلام عشقاً لا حد
له حتى انه كان في احتضاره وهو على اعتاب
الموت ينشد:
فنرى
هذا الشاعر العظيم عند ما يذكر الولادة
الغراء لأمير المؤمنين عليه السلام في
بطن الكعبة يصفها وكأنه كان ممن حضر تلك
الحادثة المباركة فيقول:
اما
من الادباء المحدثين فقد ذكرت هذه
الحادثة العظيمة نثراً وشعراً في كتبٍ
جمة، بل ذكرها من الادباء غير المسلمين
الكاتب والشاعر المسيحي البارع بولس
سلامة في ملحمته الشعرية المسماة بـ «عيد
الغدير» حيث قال في مقدمة تلك الملحمة
الشعرية واصفاً أمير المؤمنين علي بن
ابي طالب عليه السلام: «...واعجب
من بطولته الجسدية بطولته النفسية؛ فلم
يُرَ أصبر منه على المكاره، اذ كانت
حياته موصوله بالآلام منذ فتح عينيه على
النور في الكعبة، حتى اغمضها على الحق
في مسجد الكوفة»[3]. ثم
يقول واصفاً لتلك الحادثة الميمونة في
ابياتٍ رائعة:
إلى
أن يقول:
وها
هو الأديب الكبير والكاتب البارع عباس
محمود العقاد، الذي بهرته عظمة علي عليه
السلام فألف في ذلك عدة كتب منها: كتاب «عبقرية
الإمام»، يذكر فيه حديث الولادة بقوله: «ولد
عليّ في داخل الكعبة، وكرّم الله وجهه
عن السجود لأصنامها، فكانما كان ميلاده
ثمة ايذاناً بعهدٍ جديد
للكعبة وللعبادة فيها»[6]. ونختم
هذا الباب بمقاطع رائعة من رباعيات
العلامة على نقي النقوي الهندي،
افاضتها قريحته النقية واصفاً هذا
المعنى بقوله: طرب
الكون من البشر وقد عمَّ السرور وغدا
القمري يشدو في ابتسام للزهور وتهانت
ساجعات في ذرى الأيك الطيور لم
ذا البشر، وما هذا التهاني لست
ادري قد
كسا وجه الثرى من سندس وجه الربيع فتهادى
مائساً في حلل الخصب المريع وغدا
يختال بالأرياش والشأن البديع قائلاً
هل أحد يوجد مثلي لست
ادري قمت
استكشف عنه سائلاً هذا وذاك فرأيت
الكل مثلي في اضطراب وارتباك وإذا
الآراء طراً في اصطدام واصطكاك واخيراً
عمها العجز فقالت لست
ادري واذا
نبهني عاطفة الحب الدفين وتظننت،
وظن الالمعي عين اليقين إنه
ميلاد مولانا أمير المؤمنين فدع
الجاهل والقول بأني لست
ادري لم
يكن في كعبة الرحمن مولود سواه اذ
تعالى في البرايا عن مثيل في علاه وتولى
ذكره في محكم الذكر الإله أيقول
الغر فيه بعد هذا لست
ادري؟[7] |